تقع القناطر الخيرية على بعد 22 كم من القاهرة، وهي أهم متنزهات مصر حتى
الآن، ولها شهرة خاصة عند السائحين للاستمتاع بجوها النقى ومناظرها
الخلابة. هى واحدة من أعظم أعمال الري، والحجر الأساسى فى نظام الري الحديث
بمصر، يبلغ طولها حوالى 8400 ميل، وتبلغ مساحتها المائية 100.000 ميل مربع
ويرجع السبب الرئيسى لأهمية هذا المكان وشهرته الى موقعها على فرعى دمياط
ورشيد عند تفرعهما من المجرى الرئيسى لنهر النيل شمال مدينة القاهرة. وقد
استغرق بناؤها حوالى 20 عام.
[1]
كانت أراضي الوجه البحري إلى أوائل القرن التاسع عشر تروي بطريق الحياض
كرى الوجه القبلي، فلا يزرع فيها الا الشتوي، ولا يزرع الصيفي الا على
شواطئ النيل أو الترع القليلة المشتقة منه، وقد أخذ
محمد علي
في تغيير هذا النظام تدريجيا، إذ اخذ في شق الترع وتطهيرها واقامة الجسور
على شاطئ النيل ليضمن توفير مياه الري في معظم السنة، وصارت الترع تروي
الاراضي في غير اوقات الفيضان جهد المستطاع، ولا سيما بعد اقامة القناطر
عليها.
[2]
وقد توج محمد علي أعمال الري التي أقامتها بانشائ القناطر الخيرية،
واسمها يغني عن التعريف، فانها قوام نظام الري الصيفي في الوجه البحري، وهي
وان كانت اخر اعماله في الري إلا أنها أعظمها نفعا وأجلها شانها وابقاها
على الدهر اثرا.
وقد فكر فيها بعد ما شاهد بنفسه فوائد القناطر التي أنشاها على الترع
المتقدم ذكرها، ورأى أن كميات عظيمة من مياه الفيضان تضيع هدرا في البحر،
ثم تفتقر الأراضي إلى مياه البري في خلال السنة فلا تجد كفايتها منها،
فاعتزم ضبط مياه النيل للانتفاع بها زمن التحاريق ولاحياء الزراعة الصيفية
في الدلتا، وذلك بانشاء قناطر كبرى في نقطة انفراج فرعي النيل المعروفة
ببطن البقرة.
عهد محمد علي بدراسة هذا المشروع الى جماعة من كبار المهندسين، منهم المسيو
لينان دي بلفون
(لينان باشا) كبير مهندسيه، فوضع له تصميما وشرع في العمل وفقا لهذا
التصميم سنة 1834، ثم ترك لوقت اخر، وعندما اعتزم محمد علي استئناف العمل
استرشد بمهندس فرنسي آخر وهو
المسيو موجيل بك
اذ اعجبته منه مقدرته الهندسية في انشاء حوض السفن بميناء الاسكندرية ،
فعهد اليه وضع تصميم اقامة القناطر الخيرية، فقدم مشروعا يختلف عن تصميم
المسيو لينان.
فالمسيو لينان كان يرى انشاء القناطر على الارض اليابسة بعيدا عن المجرى
الاصلي للفرعين، واختار لذلك قطعتين بين ملتويين من ملتويات فرعي النيل
حتى اذا تم انشاؤها حول الفرعين اليها بحفر مجريين جديدين، ولكن مشروع
موجيل بك يقتضي اقامة القناطر مباشرة في حوض النهر.
ويتألف المشروع من قنطرتين كبيرتين على فرعي النيل يوصل بينهما برصيف
كبير، وشق ترع ثلاثة كبرى تتفرع عن النيل فيما وراء القناطر لتغذية الدلتا،
وهي الرياحات الثلاثة المعروفة برياح المنوفية ورياح البحيرة ورياح
الشرقية الذي عرف بالتوفيقي لانه انشئ في عهد
الخديوي توفيق باشا.
ووضع محمد علي الحجر الأساسي للقناطر الخيرية في احتفال فخم يوم الجمعة
23 ربيع الثاني سنة 1263 (سنة 1847)، وكانت مدة حكمه الى ذلك العهد 43 سنة،
واحتفاء بهذه المناسبة تمت صناعة ميدالية ذهبية مكتوبة باللغة التركية
عملت كما جاء فى الوثائق منذ عام 1846 حيث (صدر أمر منه الى ديوان خديو فى 7
جمادى الأولى مبلغ (38.960 قرشا) ثمانية وثلاثين ألفا وتسعمائة وستين قرشا
وثمانية عشر فضة هو ثمن الميداليات الذهب والفضة التى وضعت تحت أساس
القناطر داخل صندوق من الخشب داخل صندوق من الذهب صنع بدقة وإحكام. وقد مر
إنشاء القناطر الخيرية بعدة مراحل، وكان تصميمها لرفع مستوى النيل وراءها،
حتى يمكن لثلاث ترع كبرى هى الرياح التوفيقى لرى شرق الدلتا، والرياح
المنوفى لرى وسط الدلتا ، ورياح البحيرة لرى غرب الدلتا لتأخذ مياهها زمن
التحاريق . وقد استدعى محمد على المهندس الفرنسى ( لينان دى بلفون بك ) من
فرنسا لتنفيذ هذا المشروع الضخم . وكان المرتب الذى يتقاضاه لينان بك فى
بداية عمله فى مصر كما ذكرت الوثائق على النحو التالي:
«
من الجناب العالى إلى (باقى بك) بتاريخ 26 ذى الحجة 1249 هـ - 1833 م –
دفتر 49 معية تركى – وثيقة 635 بضم مبلغ خمسة «كيس» نقديا الى مرتب الخواجة
لينان المهندس وابلاغه الى عشرة «كيس» نقديا وقيده فى دفاتر الخزينة على
هذا الوجه.»
وبدأ لينان بك بتجهيز 1200 عامل ومهد لهم سبل الاعاشة من عمال مصريين
وأجانب، وأنشأ خط سكة حديد لنقل محاجر طرة حتى نهر النيل. ولكن أصيبت
الأعمال التى كانت تسير على خير ما يرام بالركود نتيجة انتشار وباء الطاعون
الذى فتك بكثير من عمال القناطر وكثير من سكان مصر أيضا . إلا أن لينان بك
استمر فى رسم الخرائط لتكملة هذا العمل الذى بلغت تكاليفه 1.880.000 جنيه
ولكن جزء تصدع وانهار وظهر خلل فى بعض عيون القناطر بسبب ضغط المياه. فرأى
محمد على أن القناطر أوشكت على أن تتخرب بعدما أنفق عليها أموالا طائلة
وحدثته نفسه يوما لتشهيل بنائها .. بهدم الأهرام الأبدية واستخدام حجارتها
الضخمة لتكملة البناء، بل وأصدر أمرا بذلك الى المهندس لينان بك وصمم على
نفاذه. لولا أن هذا المهندس أقنعه بالأرقام. بأن ثمن المتر المكعب من الحجر
الذى يستخرج من هدم تلك الآثار الفرعونية يكلف عشرة قروش ونصفا، بينما لا
يكلف المتر المكعب المستخرج من المحاجر أكثر من ثمانية قروش وخمسة وسبعين
فضة (وهى جزء من القرش). ولكن فى هذه المرحلة الحرجة توفى محمد على باشا فى
عام 1848 قبل أن يرى المشروع الذى طالما تاقت نفسه إلى اتمامه. وبدأ لينان بك بتجهيز 1200 عامل ومهد لهم سبل الاعاشة من عمال مصريين
وأجانب، وأنشأ خط سكة حديد لنقل محاجر طرة حتى نهر النيل. ولكن أصيبت
الأعمال التى كانت تسير على خير ما يرام بالركود نتيجة انتشار وباء الطاعون
الذى فتك بكثير من عمال القناطر وكثير من سكان مصر أيضا . إلا أن لينان بك
استمر فى رسم الخرائط لتكملة هذا العمل الذى بلغت تكاليفه 1.880.000 جنيه
ولكن جزء تصدع وانهار وظهر خلل فى بعض عيون القناطر بسبب ضغط المياه. فرأى
محمد على أن القناطر أوشكت على أن تتخرب بعدما أنفق عليها أموالا طائلة
وحدثته نفسه يوما لتشهيل بنائها .. بهدم الأهرام الأبدية واستخدام حجارتها
الضخمة لتكملة البناء، بل وأصدر أمرا بذلك الى المهندس لينان بك وصمم على
نفاذه. لولا أن هذا المهندس أقنعه بالأرقام. بأن ثمن المتر المكعب من الحجر
الذى يستخرج من هدم تلك الآثار الفرعونية يكلف عشرة قروش ونصفا، بينما لا
يكلف المتر المكعب المستخرج من
المحاجر أكثر من ثمانية قروش وخمسة وسبعين
فضة (وهى جزء من القرش). ولكن فى هذه المرحلة الحرجة توفى محمد على باشا فى
عام 1848واضطر عباس الى اعادة المهندس لينان بك للعمل وعرض تقرير تفصيلى
بالنفقات اللازمة لاتمام المشروع الذى أقل ما فيه من فائدة الاستغناء عن
25.000 ساقية وشادوف ورى أربعة ملايين من الأفدنة، ويمنع استمرار انصراف
مياه فرع دمياط الى فرع رشيد لانخفاض مجرى هذا عن مجرى ذاك. وبالفعل تمت
الموافقة واستكمل الانجاز المبهر حتى عام 1878 . وفى عام 1855 فى عهد
الخديو سعيد باشا ( 1854-1863) تم انشاء قلعة حربية بجوار القناطر سميت
(القلعة السعيدية) للدفاع عن البلاد عن طريق البر ..ولكن هذه القلعة احترقت
فجأة وكان بها كثير من الرسومات والأوراق التاريخية الخاصة بهذه القناطر،
والأثر الوحيد الباقى من أثاث هذه القلعة هو ساعة للمكتب كبيرة محفوظة
بمكتب وزير الأشغال. وفى عهد الخديو اسماعيل (1863-1895) تمت تقوية القناطر
الخيرية عام 1888 وظلت التجديدات تتوالى عليها فترة بعد أخرى حتى أصبحت
القناطر القديمة وقلعتها معلما هاما من المعالم الأثرية الباقية . وظلت
القناطر الخيرية تعمل حتى نهاية عام 1939، وبلغت تكاليف انشائها وقتئذ
3.500 مليون جنيه حتى تم انشاء قناطر محمد على (قناطر الدلتا الجديدة) خلف
القناطر القديمة التى اصبح استخدامها مقصورا على أغراض المرور باعتبارها من
أعظم الآثار الهندسية لمصر الحديثة والتى كانت محط الاعجاب وموضع الفخار
الأبدى.
وقد شرع في العمل على قاعدة تصميم موجيل بك وبمعاونة
مصطفى بهجت باشا ومظهر باشا المهندسين الكبيرين المتخرجين من البعثات العلمية.
ويقول
المسيو شيلو :
"إن مشروع القناطر الخيرية كان يعد في ذلك العهد أنه أكبر أعمال الري في
العالم قاطبة، لان فن بناء القناطر على الانهار لم يكن بلغ من التقدم ما
بلغه اليوم، فاقامة القناطر الخيرية بوضعها وضخامتها كان يعد اقداما يداخله
شي من المجازفة".
وقال
المسيو بارو: "أن هذه أول مرة اقيمت فيها قناطر كبرى من هذا النوع على نهر كبير".
وقد ظهر خلل في بعض العيون في عهد اسماعيل سنة 1867 فاصلح الخلل طبقا
لاراء موجيل بك (وكان قد غادر مصر الى فرنسا) وبهجت باشا ومظهر باشا، ثم
اصلح بناء القناطر ثانية في العصر الحديث لتقويتها، وتمت اعمال الاصلاح
والتقوية في سنة 1891 حتى بلغت شانها الحالي، ورجعت الحكومة الى راي موجيل
بك في هذا الاصلاح، وجاء مصر وكان قد بلغ الخامسة والسبعين من سنه، فعينته
الحكومة مهندسا مستشار للقناطر، فتم الاصلاح وفقا لرايه، وبذلك تسنى لهذا
المهندس الكبير ان يكون على يده انشاء القناطر من ابتداء العمل فيها الى
تمام بناءها.
رفض موجيل الفرنسى موجيل استخدام حجارة
الأهرامات في بناء القناطر الخيرية حتى لا تصيبه لعنة التاريخ استغرق بناؤها 20 عاماً وتغني عن 25 ألف شادوف وساقية.
أنشئ مركز القناطر الخيرية سنة 61هـ وهى من المعالم السياحية على مستوى
الجمهورية وهى تبعد عن القاهرة بمسافة 22كم ومن امامها خرج الرياح التوفيقى
والرياح المنوفى وتفرع النيل الى فرعى دمياط ورشيد وتضم القناطر اكثر
مساحة من الحدائق والمنتزهات على مستوى المحافظة وتصل الى 500 فدان على
النيل مباشرة.